العراق بعد الدستور

العراق بعد الدستور



انتهت عملية الاستفتاء على الدستور وانهى العراقيون

الاستحقاق الثاني لهم هذا العام بانتظار الثالث في كانون

الاول القادم موعد انتخاب مجلس النواب الذي سيشكل

الحكومة الدائمة .

حالة التوتر والترقب اختفت باخر ورقة سقطت في صندوق

الاقتراع لتعلن اكتمال دور الشعب في صياغة الدستور واضفاء

الشرعية عليه لتفتح صفحة جديدة في تاريخ العراق الجديد

وهي الانتقال من حمى دستور الدولة الى فترة النقاهة في

دولة الدستور ،وعندما نقول فترة نقاهة فالمقصود منها مدى

تطبيق فقرات الدستور على المفصل وتشبعات الحياة اليومية

للعراقيين بدون انكار ان كتابته استغرقت بضع شهور وتطبيقه
يتطلب اعواما طويلة نتيجة التراكمات السوداء لحقبة النظام

السابق والتي ما تزال اثارها مترسبة في عقول العديد ممن

لم يتنسموا برياح الديمقراطيةاولم يطيروا بعقولهم نحو فضاءات

الحرية و التعامل بانسانية.

ولكي نسرع من مرحلة دولة الدستور واثبات اننا اصبحنا دولة

ديمقراطية لانقل شأنا عن أقراننا علينا من اليوم التحضير لخلق

بيئة هي اشبه باحضان الام لطفلها كي ينمو ويكبر معافى

وتربطه معها علاقة حميمة تدوم للابد والتحضير يبتدا بالقضاء

على الفساد الاداري .. هذا المرض الذي نخر جسد دوائر الدولة

ومؤسساتها المختلفة حتى صار الجدار الذي يصدم عنده اي تقدم

او تغيير نحو الافضل ويسهم في نفض غبار سياسة العسكر


التي غيرت الوان التطور الزاهية وبدلتها بلون قاتم اشبه بسواد

الحذاء العسكري للدستور والفساد الاداري معركة طويلة امتدت

لثلاثة عقود ونصف حاول فيها النظام الحاكم انذاك فسح المجال

للثاني كي يقضي على روح الدستور ونجح من خلال سياسة

المحسوبية والوساطة والسرقات في الظلام او تحت شمس

الاقانون حتى وصل الامر الى ان الدستور هو الرجل او الحاكم

يسير امور الدولة باذرعه الاخطبوطية المتخلفة والتي ماتزال

بصماتها الى اليوم واوصلتنا الى مرحلة بائسة وتصنيف دولي

مخجل فالعراق يحتل المركز 137 من بين 159 دولة سجل فيها

الفساد الاداري اعلى المعدلات وحسب تصنيف منظمة الشفافية

الدولية والرقم الخطير هذا والمركز ماقبل الاخير عربيا يحتاج الى

جهود جبارة لزحزحته عن مركزه ولن يتم الا بسيادة الدستور

وتنظيمه للحياة العامة وهذا ما نأمله .

التعكز على النفط في تنمية الاقتصاد العراقي والادعاء بالغنى

لن يجدي نفعا مع استفحال الفساد الاداري المقوض لاي نمو

مستدام قد يحرر ملايين العراقيين من زنزانة الفقر وهنا ياتي

الدور المنظر من المؤسسات الدستورية بعد اقرار الدستور في

وضع برنامج عمل طويل على مد يمسح بممحاته تاشيرات النظام

السابق ويخط بالقلم العريض خطة جديدة اساسها الاعتماد على


العنصر البشري وعقله في استثمار موارد العراق غير النفطية

في عملية التطور وطبعا بعد القضاء على الفساد والمفسدين

وستبدو اثاره بزيادة المصادر وتحقيق الاهداف .

وعلى الضفة الاخرى من مرحلة مابعد اقرار الدستور وهو

استثمار نجاح الاقبال الجماهيري على الاستفتاء على المسائل

الكبيرة العالقة والتي لم تستطع القوى السياسية ايجاد حل لها

يرضي جميع الاطراف او اغلبها وهي فرصة للتطبيق الدستور

في حرية الراي وحكم الشعب وتقرير مصيره بيده فالنستثمر

هذه الممارسة مستقبلا ونضع حلولا لاي اشكال قد يعكر صفو

دولتنا الدستورية وبالتاكيد نحن قادورن على ذلك ولن يمنعنا

اي ارهابي او فاسد .

*********************************************

ماذا بعد إقرار الدستور الدائم...هل تم تقرير
مصير العراق